فجرت واقعة تعرض بريد ملياردير كويتي للاختراق، ونشر معلومات خاصة عن شؤونه المالية، وما صاحبها من حديث عن تورط شقيقه في العملية إشكالية خطيرة تتعلق بإمكانية لجوء بعض رجال الأعمال إلى سلاح " الهاكرز" للرد بطريقة قاسية على المختلفين معهم في ظل المنافسات الشرسة والخلافات المتنوعة في مجتمع الأعمال.
واعتبر المدير العام للشركة السعودية للمعلومات الائتمانية "سمة" نبيل المبارك الحادثة كمثال، "وبعيدا عن خلافات عائلية بين شقيقين" تطوراً خطيراً في تعاملات المستثمرين العرب، وطريقة حسم الخلافات بينهم، مبديا مخاوفه من احتمالات لجوء بعض رجال الأعمال إلى مثل هذه الطريقة في حسم الخلافات على خلفية نزاع بين الأخوين حول أصول مشتركة، أو اختراق حسابات الأثرياء العرب، والتعامل عليها سواء في البورصات، أو غيرها.
وقال محامو المليونير قتيبة الغانم إن شقيقه استعان بمحققين، للوصول بصورة غير شرعية إلى البريد الإلكتروني لأخيه بمساعدة قراصنة صينيين، وأن تكلفة استئجار هؤلاء القراصنة قدرت بحوالي 400 دولار فقط، وجاءت عملية الاختراق على خلفية خلاف بين الشقيقين حول تقسيم ميراث إمبراطورية الأعمال التي بناها والدهما.
وفوجئ المليونير الغانم الذي يقيم في مدينة "لوس أنجلوس" وفقا لصحيفة (وول ستريت جورنال) باتصال هاتفي يخبره أن كل رسائله الإلكترونية وتفاصيل شؤونه المالية منشورة على الإنترنت، وأنه تأكد بنفسه من ذلك الاختراق الإلكتروني بعد العثور على تفاصيل تناوله لبعض الأدوية الخاصة التي يتناولها.
وحدة تحريات خليجية
وفي رؤيته عن أنسب الآليات لعدم تحويل" الهاكرز" إلى أداة للانتقام بين المستثمرين، ومنع تحولها من" حالة فردية" إلى ظاهرة مستقبلا، أبدى المبارك في تصريحات نقلتها"العربية.نت" قلقاً من تحول إشكالية الهاكرز من صراع بين دول ومنظمات إلى صراع بين أشقاء بينهم خلافات عائلية داعياً إلى تحركات عربية وخليجية عاجلة لضبط الأشكال الجديدة للحرب الإلكترونية في مجالات المال والاستثمار.
واقترح المبارك إنشاء وحدة تحريات إلكترونية في دول مجلس التعاون الخليجي كمرحلة أولى لرصد محاولات الاختراق الإلكتروني للحسابات الشخصية، وصولا إلى جهاز عربي مستقل في هذا الخصوص على غرار الأجهزة الحديثة الخاصة بغسيل الأموال ومكافحة الإرهاب وغيرها.
وعن تبعية ذلك الجهاز المقترح، وهل من الأفضل إخضاعه لسلطة مجلس وزراء الداخلية الخليجيين، أم مجلس وزراء الاتصالات؟، أشار المبارك إلى أنه من الأفضل أن يكون تابعا لوزارات الداخلية باعتبارها قضية أمنية محورية، وليست تقنية فقط، وأضاف: "أمريكا ودول أوروبية لديها جيوش إلكترونية لملاحقة الهاكرز.. ونحن الآن نريد بشكل عاجل وحدة تحريات".
وعن قراءته لتصاعد وتيرة الحديث عن القراصنة الإلكترونيين قياسيا على القراصنة التقليديين في عصور "ما قبل التقنية"، لم يستبعد المدير العام للشركة السعودية للمعلومات الائتمانية "سمة" تصاعد الاختراقات بشكل يهدد حركة الاستثمار والمعاملات المالية في الأسواق الدولية.
وعن درجة الأمان للبنوك في المنطقة العربية ضد عمليات الاختراق، قال المبارك إن: "درجة الأمان عالية جدا في تلك البنوك، وهناك وسائل للحماية التقنية.. لكن علينا الاعتراف بكل واقعية وصراحة بأنه ليس هناك أمانا كاملا لأي بنك في العالم بما فيه المتقدم جدا تقنيا ضد اختراق القراصنة، فالقراصنة اخترقوا وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون"، وتمت سرقة أكواد لأسلحة نووية وتقليدية من بعض الدول العريقة في التقنية، وهناك حروب تجارية إلكترونية خطيرة بين الولايات المتحدة والصين ينفذها القراصنة في إطار منافسة غير شريفة".
وأضاف: "مشكلة القرصنة الإلكترونية هي انها تأتي كخطوة لاحقة لاكتساب التقنية.. ونحن كعرب مستهلكين للتقنية.. وعندما نتحرك ونستوردها من الخارج تكون هناك مبتكرات أحدث لاختراق تلك التقنية".
لا ضمانات تقنية للحسابات الشخصية
وفسر المبارك الإشكالية الخاصة بحماية البنوك لعملائها إلكترونيا بأن البنوك لا علاقة لها بإجراءات حماية المعلومات، فهي خاصة بمواقع الإنترنت نفسها التي ينفذ من خلالها عمليات التسوق الإلكتروني، وأنه لا ضمانات أيضا من عدم اختراق موقع إلكتروني أو من احتمالات قيام بائع في محل تجاري مثلا ببيع أرقام البطاقات الائتمانية لعصابات في الداخل أو الخارج لاستخدامها في عمليات النصب والاحتيال.
والى ذلك تتحرك لجنة الإعلام والتوعية المصرفية في البنوك السعودية بشكل موسع حاليا لطمأنة المتعاملين على أرصدتهم، خاصة بعد إقرار بيان لوزارة الداخلية قبل أيام بازدياد البلاغات الواردة من مواطنين ومقيمين تفيد بتلقيهم اتصالات من مجهولين بدعوى تحديث بياناتهم المصرفية واستدراجهم للإفصاح عن أرقامهم السرية.
وجدد رئيس لجنة الإعلام والتوعية المصرفية في البنوك السعودية طلعت حافظ، تأكيداته بأن البنوك السعودية تطبق أعلى معايير الحماية المعلوماتية المعروفة على مستوى العالم بـPCI DSS، الذي يعتبر من أكثر الأنظمة تفوقا على مستوى العالم لحماية المعلومات التي تحتويها البطاقات الائتمانية.
وأشار إلى أن الخطورة الحقيقية في منح عميل البنك معلوماته البنكية لهؤلاء الأشخاص المجهولين، وقال إن النصائح والرسائل التوعوية سواء من الداخلية أو مؤسسة النقد الهدف منه طمأنة المتعاملين والحيطة والحذر، ولا يجب أن تكون مصدرا للخوف والذعر.
يشار إلى أن الخلاف بين الشقيقين الكويتيين "بسام وقتيبة" يدور حول مبالغ طائلة،
وأن مزاعم قرصنة البريد الإلكتروني لبسام تم الإدلاء بكل تفاصيلها في الدعوى القضائية التي رفعها في المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية، وكشفت القضية من خلال وثائق المحكمة وجود عالم خفي لاستئجار خدمات الهاكرز لاختراق بريد أي شخص، فيما تقدم بعض المواقع مثل hiretohack خدمة اختراق حسابات البريد الإلكتروني من شركات الخدمة الشهيرة بها لقاء 150 دولارا تقريبا خلال 48 ساعة فقط.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق