السعودية تجني ثمار الاستثمار الزراعي في الخارج
وصول أول شحنة من أرز المملكة المزروع في الخارج ضمن مخطط يستهدف تحويل أموال النفط الى ثروة خضراء.
ميدل ايست اونلاينباريس - من حبيب طرابلسي
بدأت المملكة العربية السعودية في جني ثمار الاستثمار الزراعي في الخارج مع وصول أول شحنة أرز إلى المملكة التي تعتبر أرضا شبه صحراوية لا تحظى بموارد كبيرة من الماء ولكنها تملك ثروات نفطية ضخمة.
وقد اغتنم الملك عبد الله فرصة وصول هذه الشحنة التي لم تذكر بلادها الأصلية ولا كميتها، لتشجيع وزير التجارة والصناعة الذي يترأس اللجنة الوزارية المكلّفة بالاستثمار الزراعي في الخارج، على المضي قدما.
ذهب أسود، من أجل ثورة خضراء...في الخارج
ورحّب الملك عبد الله "بالنتائج الإيجابية لهذه المبادرة داعيا اللجنة الوزارية إلى مضاعفة جهودها من أجل تحقيق الأهداف المنشودة"، لدى استقباله وزير التجارة والصناعة، عبد الله زينل، في 27 يناير.
وكان يرافق الوزير رجلا أعمال سعوديان هما محمد حسين العمودي، وعبد الله حسن المصري، اللذان يستثمران في إطار "مبادرة الملك عبد الله"، التي من شأنها توفير الاكتفاء الذاتي الغذائي للمملكة.
فعلى غرار بلدان مجلس التعاون الخليجي، شهدت السعودية خلال هذه الأشهر الأخيرة فاتورة وارداتها الغذائية ترتفع بشدة تحت صدمة الأزمة الغذائية العالمية وتدهور قيمة الدولار الأمريكي.و تعتبر السعودية، التي تعد أكثر من 24 مليون نسمة، أكبر مستورد لهذه المواد من بين بلدان مجلس التعاون الخليجي الذي يضم كذلك الكويت والإمارات العربية المتحدة وقطر وبحرين وعُمان.
البلدان التي تثير اهتمام المستثمرين السعوديين
حسب وسائل الإعلام الرسمية، توجّهت اللجنة الوزارية نحو العديد من البلدان في إطار هذه "المبادرة" خاصة تركيا، وأوكرانيا، ومصر، والسودان، وكازاخستان، والفيليبين، وفيتنام، وإثيوبيا.وتهتم اللجنة كذلك ببلدان أخرى مثل بورما، وكمبوديا، واندونيسيا، ولاووس، وتايلندا، وأوغندا، وجورجيا، والبرازيل...والقائمة لا تزال مفتوحة.
ولقد تم في هذه البلدان اقتراح آلاف الهكتارات من الأراضي الزراعية على المستثمرين السعوديين.
لكن لدى اللجنة عدة مبادئ ومعايير استثمارية، أهمها الاستثمار في دول جاذبة ذات موارد زراعية واعدة وأنظمة وحوافز إدارية وحكومية مشجعة على الاستثمار في الزراعات الأساسية، مثل الأرز والقمح والشعير والذرة والسكر والأعلاف الخضراء والثروة الحيوانية والسمكية.و يجب خاصة أن يستعيد المستثمرون جزءً من المحاصيل بـ"نسب معقولة"، لتصديرها نحو السوق السعودية.
الهدف: الاكتفاء الذاتي الغذائي
لقد كانت هذه "المبادرة" منذ بعثها في فصل الصيف الماضي، موضوع جدل و مناقشات عديدة نقلتها الصحافة المحلية.
فالعديد من الاقتصاديين يطرحون "أسبابا موضوعية" تبرّر اللجوء إلى إنتاج غذائي خارجي، منها ارتفاع أسعار المواد الغذائية في السوق العالمية، وتدهور قيمة الدولار الأمريكي الذي تسبب في تضخم معتبر، ونقص في المواد الغذائية الأولية مثل الأرز، خاصة بعد انقطاع تسليم الأرز الآسيوي، من الهند وباكستان.
فقد تضاعفت أسعار الأرز تقريبا خلال هذه الأشهر الأخيرة في المملكة بسبب الطلب المتزايد والتموين غير الكافي.وحسب الصحافة، فإن سعر كيس من الأرز "باسماتي" بوزن 5 كلغ ارتفع من 35 إلى 75 ريال (حوالي 10 و 20 دولار).
وأكد أحد الاقتصاديين، أن المملكة قد حاولت في الثمانينات الوصول إلى الاكتفاء الذاتي الغذائي، كما رفعت تحدي أن تصبح في أقل من عشرية المنتج السادس عالميا للقمح، وتوقفت عن استيراد منتوجات الحليب ومشتقاته والدواجن.
إمبريالية غذائية جديدة!
من جهة أخرى، ندد خبراء آخرون ذكرتهم مواقع انترنت، باستيلاء بعض أصحاب المليارات السعوديين على أراضي خصبة في عدد من البلدان الفقيرة، والتي تعتبر وسيلة البقاء الوحيدة لسكانها.
فقال أحدهم: "ها هي الدولارات النفطية لممالك الخليج قد أصبحت وسيلة ضغط لسلب الأراضي الزراعية من البلدان الفقيرة"، متسائلا: "من قال أن الاستعمار قد مضى وانقضى"؟
وأكد آخر: "حتى وإن كان مسؤولون هم الذين يتفاوضون ويعقدون الصفقات، فإن المستثمرين يضاربون ويربحون ويحصدون ثمار هذه الصفقات".
مزيدا من التفاصيل لو سمحتم! وأرز بسعر معقول!
كتب الدكتور حمود أبو طالب، صحافي معروف من صحيفة "المدينة"، في الأول من فبراير، و بدون مجاملة تحت عنوان: "مزيدا من التفاصيل، لو سمحتم!"، مطالبا بتوضيحات أكثر حول تسليم الشحنة الأولى من الأرز.
وقال أبو طالب: "لقد كانت فكرة مشروع الاستثمار الزراعي في الخارج موضوع جدل حينما طرحت بين كثير من أصحاب الرأي"، مؤكدا أن "الأموال التي يرهنها هذا المشروع الكبير هي أموال وطنية حتى لو كانت لأصحاب القطاع الخاص".
وطرح أبو طالب عدة قضايا حول "كيفية تسيير هذه الاستثمارات" وحول "الإستراتيجيات على المدى الطويل" التي ينبغي اتخاذها في حالة تطورات سياسية كبيرة في البلدان المعنية.
و أضاف الكاتب: "إننا لا نضمن ماذا قد يحدث في الدول التي يتم فيها هذا الاستثمار ولا كيفية إدارته من قبل المستثمرين بحيث لا يكون قوت المواطن في أيديهم يتحكمون به كيفما يشاءون".
وانتهى الكاتب إلى القول: "ما دام المشروع قد بدأ، فإننا نود من المتخصصين والمستثمرين والاستشاريين أن يقدموا لنا تفاصيل أكثر عن التجربة ونسبة نجاحها ومدى استطاعتنا الاعتماد عليها وجدواها على المدى الطويل، وهل هناك إستراتيجية واضحة للتعامل مع الظروف التي قد تكتنف المشروع مستقبلاً".
وأجاب "أسامة"، أحد المعلقين: "المواطن العادي ليس بحاجة إلى التفاصيل التي لا تهم سوى المضاربين". وأضاف: "ما نريده نحن هو أرز بسعر معقول".
فقد أصبح الأرز بالنسبة له، وخاصة أرز "باسماتي" والأنواع الجيّدة الأخرى... من الكماليات.
ترجمة وداد زداني
ميدل ايست اونلاينباريس - من حبيب طرابلسي
بدأت المملكة العربية السعودية في جني ثمار الاستثمار الزراعي في الخارج مع وصول أول شحنة أرز إلى المملكة التي تعتبر أرضا شبه صحراوية لا تحظى بموارد كبيرة من الماء ولكنها تملك ثروات نفطية ضخمة.
وقد اغتنم الملك عبد الله فرصة وصول هذه الشحنة التي لم تذكر بلادها الأصلية ولا كميتها، لتشجيع وزير التجارة والصناعة الذي يترأس اللجنة الوزارية المكلّفة بالاستثمار الزراعي في الخارج، على المضي قدما.
ذهب أسود، من أجل ثورة خضراء...في الخارج
ورحّب الملك عبد الله "بالنتائج الإيجابية لهذه المبادرة داعيا اللجنة الوزارية إلى مضاعفة جهودها من أجل تحقيق الأهداف المنشودة"، لدى استقباله وزير التجارة والصناعة، عبد الله زينل، في 27 يناير.
وكان يرافق الوزير رجلا أعمال سعوديان هما محمد حسين العمودي، وعبد الله حسن المصري، اللذان يستثمران في إطار "مبادرة الملك عبد الله"، التي من شأنها توفير الاكتفاء الذاتي الغذائي للمملكة.
فعلى غرار بلدان مجلس التعاون الخليجي، شهدت السعودية خلال هذه الأشهر الأخيرة فاتورة وارداتها الغذائية ترتفع بشدة تحت صدمة الأزمة الغذائية العالمية وتدهور قيمة الدولار الأمريكي.و تعتبر السعودية، التي تعد أكثر من 24 مليون نسمة، أكبر مستورد لهذه المواد من بين بلدان مجلس التعاون الخليجي الذي يضم كذلك الكويت والإمارات العربية المتحدة وقطر وبحرين وعُمان.
البلدان التي تثير اهتمام المستثمرين السعوديين
حسب وسائل الإعلام الرسمية، توجّهت اللجنة الوزارية نحو العديد من البلدان في إطار هذه "المبادرة" خاصة تركيا، وأوكرانيا، ومصر، والسودان، وكازاخستان، والفيليبين، وفيتنام، وإثيوبيا.وتهتم اللجنة كذلك ببلدان أخرى مثل بورما، وكمبوديا، واندونيسيا، ولاووس، وتايلندا، وأوغندا، وجورجيا، والبرازيل...والقائمة لا تزال مفتوحة.
ولقد تم في هذه البلدان اقتراح آلاف الهكتارات من الأراضي الزراعية على المستثمرين السعوديين.
لكن لدى اللجنة عدة مبادئ ومعايير استثمارية، أهمها الاستثمار في دول جاذبة ذات موارد زراعية واعدة وأنظمة وحوافز إدارية وحكومية مشجعة على الاستثمار في الزراعات الأساسية، مثل الأرز والقمح والشعير والذرة والسكر والأعلاف الخضراء والثروة الحيوانية والسمكية.و يجب خاصة أن يستعيد المستثمرون جزءً من المحاصيل بـ"نسب معقولة"، لتصديرها نحو السوق السعودية.
الهدف: الاكتفاء الذاتي الغذائي
لقد كانت هذه "المبادرة" منذ بعثها في فصل الصيف الماضي، موضوع جدل و مناقشات عديدة نقلتها الصحافة المحلية.
فالعديد من الاقتصاديين يطرحون "أسبابا موضوعية" تبرّر اللجوء إلى إنتاج غذائي خارجي، منها ارتفاع أسعار المواد الغذائية في السوق العالمية، وتدهور قيمة الدولار الأمريكي الذي تسبب في تضخم معتبر، ونقص في المواد الغذائية الأولية مثل الأرز، خاصة بعد انقطاع تسليم الأرز الآسيوي، من الهند وباكستان.
فقد تضاعفت أسعار الأرز تقريبا خلال هذه الأشهر الأخيرة في المملكة بسبب الطلب المتزايد والتموين غير الكافي.وحسب الصحافة، فإن سعر كيس من الأرز "باسماتي" بوزن 5 كلغ ارتفع من 35 إلى 75 ريال (حوالي 10 و 20 دولار).
وأكد أحد الاقتصاديين، أن المملكة قد حاولت في الثمانينات الوصول إلى الاكتفاء الذاتي الغذائي، كما رفعت تحدي أن تصبح في أقل من عشرية المنتج السادس عالميا للقمح، وتوقفت عن استيراد منتوجات الحليب ومشتقاته والدواجن.
إمبريالية غذائية جديدة!
من جهة أخرى، ندد خبراء آخرون ذكرتهم مواقع انترنت، باستيلاء بعض أصحاب المليارات السعوديين على أراضي خصبة في عدد من البلدان الفقيرة، والتي تعتبر وسيلة البقاء الوحيدة لسكانها.
فقال أحدهم: "ها هي الدولارات النفطية لممالك الخليج قد أصبحت وسيلة ضغط لسلب الأراضي الزراعية من البلدان الفقيرة"، متسائلا: "من قال أن الاستعمار قد مضى وانقضى"؟
وأكد آخر: "حتى وإن كان مسؤولون هم الذين يتفاوضون ويعقدون الصفقات، فإن المستثمرين يضاربون ويربحون ويحصدون ثمار هذه الصفقات".
مزيدا من التفاصيل لو سمحتم! وأرز بسعر معقول!
كتب الدكتور حمود أبو طالب، صحافي معروف من صحيفة "المدينة"، في الأول من فبراير، و بدون مجاملة تحت عنوان: "مزيدا من التفاصيل، لو سمحتم!"، مطالبا بتوضيحات أكثر حول تسليم الشحنة الأولى من الأرز.
وقال أبو طالب: "لقد كانت فكرة مشروع الاستثمار الزراعي في الخارج موضوع جدل حينما طرحت بين كثير من أصحاب الرأي"، مؤكدا أن "الأموال التي يرهنها هذا المشروع الكبير هي أموال وطنية حتى لو كانت لأصحاب القطاع الخاص".
وطرح أبو طالب عدة قضايا حول "كيفية تسيير هذه الاستثمارات" وحول "الإستراتيجيات على المدى الطويل" التي ينبغي اتخاذها في حالة تطورات سياسية كبيرة في البلدان المعنية.
و أضاف الكاتب: "إننا لا نضمن ماذا قد يحدث في الدول التي يتم فيها هذا الاستثمار ولا كيفية إدارته من قبل المستثمرين بحيث لا يكون قوت المواطن في أيديهم يتحكمون به كيفما يشاءون".
وانتهى الكاتب إلى القول: "ما دام المشروع قد بدأ، فإننا نود من المتخصصين والمستثمرين والاستشاريين أن يقدموا لنا تفاصيل أكثر عن التجربة ونسبة نجاحها ومدى استطاعتنا الاعتماد عليها وجدواها على المدى الطويل، وهل هناك إستراتيجية واضحة للتعامل مع الظروف التي قد تكتنف المشروع مستقبلاً".
وأجاب "أسامة"، أحد المعلقين: "المواطن العادي ليس بحاجة إلى التفاصيل التي لا تهم سوى المضاربين". وأضاف: "ما نريده نحن هو أرز بسعر معقول".
فقد أصبح الأرز بالنسبة له، وخاصة أرز "باسماتي" والأنواع الجيّدة الأخرى... من الكماليات.
ترجمة وداد زداني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق